من الحَجر إلى الحَجر ..محنة ساكنة الريش مع اللوبيات النافذة بالمنطقة

تكتب نهار 7 يوليو، 2020 مع 17:50 مجتمع تابعونا على Scoop

محمد بوداري

 

قدر مدينة الريش ونواحيها ان تعيش على هامش الاقاليم التي الحِقت بها منذ استقلال المغرب.

 

الكل يتذكر ما عاناه السكان عندما كانت المدينة تابعة لعمالة الرشيدية(قصر السوق سابقا)، وكيف ان هذه الأخيرة كانت تستفيد أكثر من الميزانية المخصصة للاقليم، وكانت المشاريع تنجز في الغالب الأعم بمدينة الرشيدية باعتبارها حاضرة الاقليم، رغم ما تتوفر عليه مدينة الريش وضواحيها من امكانيات اقتصادية حقيقية وواعدة بالمقارنة مع باقي جهات الاقليم..

 

ولم تنفُض المدينة غبار التهميش إلا بعد مجيء علي كبيري، أحد ابناء المنطقة(ابن تيلّيشت بالضبط)، عاملا على اقليم الرشيدية بداية ثمانينيات القرن المنصرم، حيث قام بتحريك أوراش البناء في المدينة وربط قصورها بالكهرباء، حتى سمي آنذاك بـ”علي بووْسيد”، أي علي صاحب الكهرباء..

 

إلا أن إلحاق المدينة مرة اخرى بميدلت، كحاضرة للاقليم، ذكّر سكان الريش بنفس الاسطوانة القديمة مع الرشيدية، حيث اعطيت الاسبقية في انجاز المشاريع الكبيرة لميدلت ونواحيها، فيما ظل سكان الريش ينتظرون ما يجود به المتحكمون في دواليب الامور بالاقليم. ويمكن الرجوع في هذا المجال إلى المقالات التي تطرقت لملف التجهيزات التي خُصصت للمستشفى الجديد بالريش، والتي اشرف وزير الصحة الاسبق الحسين الوردي على تسليمها للمسؤولين بالمدينة، إلا ان اهل الحل والعقد بمدينة ميدلت كان لهم رأي آخر، حيث عمدوا بمجرد عودة الوزير إلى الرباط، إلى نقل التجهيزات المهمّة والاساسية المخصصة لمستشفى الريش، إلى المستشفى الاقليمي بميدلت، وكانت بطلة هذا الانجاز هي إحدى المسؤولات بالمصالح الاقليمية لوزارة الصحة، والتي لها علاقة قرابة بنائب برلماني معروف بميدلت ولأسرته باع طويل بالمنطقة منذ الاستقلال..

 

نفس الممارسات تعرض لها ابناء المدينة وخاصة أولئك الذين يعالَجون داخل مركز لتصفية الدم بميدلت، حيث تم نعث سكان الريش باوصاف عنصرية، كما لو انهم ليسوا مواطنين مغاربة، لا لشيء سوى لان المدينة وضواحيها كانت تعرف آنذاك نسبة مرتفعة من المصابين بفيروس كورونا المستجد، تسبب فيه مأثم نظمته إحدى المواطنات القادمات من إيطاليا إثر وفاة زوجها..

 

آخر تدخلات “أهل الحل والعقد” بمدينة ميدلت، هو إغلاق السوق الاسبوعي بمدينة الريش الذي ينظم كل يوم أحد، وهو ملتقى اسبوعي يعرف انتعاشا وحركة دؤوبة ويقصده بائعو الخضار والفواكه من كل ربوع المنطقة..

 

مبرر اصحاب الحل والعقد لاغلاق هذه السوق بعد أيام من فتحها، عقب رفع شروط الحجر الصحي والتحاق مدينة الريش بمنطقة التخفيف رقم 1، هو اخذ الاحتياطات اللازمة لمنع انتشار وباء كوفيد-19، وهي مبررات واهية وغير مقبولة إذا علمنا أن سوق الاثنين بمدينة الريش بقي مفتوحا ولم يطله قرار الاغلاق، رغم أنه يعرف رواجا ونشاطا كالذي يعرفه سوق الاحد. فكيف إذن يمكن تصديق هذه الرواية، الامر إذن يتعلق بحالتين متشابهتين لكن عبقرية اهل الحل والعقد ارتأت ان تتخذ بشأنهما قرارين مختلفين، وهو  ما يندرج في إطار ما يصطلح عليه بـ”الكيل بمكيالين”..

 

مصادرنا من عين المكان، تحدثت عن وجود “لوبي ميدلتي”‘(نسبة إلى مدينة ميدلت)، وراء هذا القرار، حيث ان ميدلت بها سوق اسبوعي يقام كذلك يوم الاحد، ولأن سوق الريش معروف برواجه، فإن تجار الخضار والفواكه يقصدونه لبيع سلعهم، وعند مجيء تجار ميدلت يوم الاثنين إلى الريش لبيع موادهم يجدون ان الناس قد اشتروا ما يلزمهم يوم الاحد بسوق الريش، وبالتالي فإن بضاعتهم تتعرض للخسارة والبوار…

 

والحل الذي اهتدى إليه اصحاب “الحل والعقد” بميدلت، هو إغلاق سوق الاحد بالريش لفسح المجال امام تجار ميدلت لبيع بضاعتهم يوم الاحد بميدلت، ويم الاثنين بالريش، وهي منافسة غير شريفة لتجار الريش فضلا عن كون الامر يمس بساكنة المدينة الذين سيضطرون إلى الانتظار حتى قدوم تجار ميدلت يوم الاثنين للقيام بالتبضع، أو الانتقال إلى سوق ميدلت يوم الاحد للتسوق!

 

مصادر أخرى، كشفت ان هناك رواية اخرى يتم تداولها بالمدينة، وتقول إن المقاول الذي اكترى السوق الاسبوعي الذي يقام يوم الاثنين، وهو شريك أحد الأعضاء البارزين داخل المكتب الجماعي للريش، لا يستفيد من رسوم دخول التجار إلى سوق الاحد، أو ما يسمى بـ”الصنك”، وبالتالي فإن استمرار نشاط هذا السوق يوم الاحد ليس في صالحه، وفي هذا الإطار تمت مطالبة التجار بأداء هذه الرسوم إن هم ارادوا ان يُفتح السوق في وجههم يوم الاحد، إلا انهم رفضوا ذلك وأصروا على اداء هذه الرسوم لفائدة المجلس البلدي وليس للمقاول الذي يكتري سوق الاثنين والذي لا علاقة له بسوق الأحد..

 

يشار أن رسوم دخول السوق التي يستخلصها ذات المقاول لدى التجار يوم الاثنين، مرتفعة جدا بالمقارنة مع تلك التي يفرضها اعوان البلدية المكلفون باستخلاصها لدى مستغلي السوق الاسبوعي ليوم الاحد..

 

وسواء كانت الرواية الأولى هي الصحيحة، أو الرواية الثانية، فإن الامرين سيّان بالنسبة لساكنة الريش وتجارها، لأن “أحلاهما مرّ” كما يقول المثل..

 

فإلى متى ستخرج مدينة الريش من “الحجر الميدلتي” بعد ان كانت لسنين تحت “الحجر القصر السوقي”. نتمنى ان يكون ذلك في القريب العاجل خاصة مع الرفع والتخفيف من شروط الحجر الصحي التي تعرفها بلادنا هذه الأيام..