هكذا أفسد تجار المآسي المناظرة الإفريقية الثانية للصحة بمراكش

تكتب نهار 29 سبتمبر، 2023 مع 13:22 عيون سكوب تابعونا على Scoop

نهاد غاندي

وا أسفاه على وطن صار فيه نهب المال العام مهنة من لا مهنة له، حتى تحولت فيه أموال دافعي الضرائب إلى مرتع خصب لكائنات انتهازية تمارس الرعي الجائر في جيوب المغاربة بدون حسيب، ولا رقيب كالسرطان الذي يقتات على صحة المريض، والحديث هنا عن المناظرة الإفريقية الثانية للصحة بمراكش التي تجاوز فيها النهب الحد الأقصى ليتجول إلى فعل ممنهج أفسد المحفل الدولي وأخرجه عن سياقه وأهدافه وجعله “دواز اتاي” داخل الصالونات المغلقة.

 

إن الكلمات لتعجز عن وصف الحالة المزرية التي آلت إليها طريقة إدارة مثل هذه الملتقيات العالمية التي يراهن عليها المغرب لتدعيم موقعه الدولي، فعندما تتحول المناظرات الدولية الهامة إلى فرص لاغتناء الكائنات المعروفة بانتهازيتها، ضاربة عرض الحائط توجهات الدولة ومصالحها العليا، هنا لا يسع المرء سوى أن يضرب كفا بكف متأسفا عن تفويت مكاسب جيواستراتيجية كبرى كان بإمكان الوطن تحقيقها لو أن المتربصين بالمال العام تركوا الأمر لذوي الاختصاص ولو أن المصلحة العليا تم تغليبها على الحسابات الضيقة.

 

وفي هذا الصدد، هناك تساؤلات عديدة تغذيها إشارات هنا وتلميحات هناك، تضعنا أمام علامة استفهام محورية، وهي ما الذي تغير بين الأمس واليوم حتى تغيب الرسالة الملكية السامية عن المناظرة الإفريقية الثانية للصحة بمراكش عكس النسخة الماضية التي بعث إليها جلالة الملك رسالة سامية مفعمة بالأمل الذي لا يخلو من حس بالمسؤولية، بالرغم من أن القائمين على تنظيم هذه المناظرة قاموا بتقديمها على أنها حدث قاري هام يحظى بالرعاية الملكية السامية، ولماذا تم قمع وزير الصحة ومنعه من عرض كلمته أمس ؟

 

في الحقيقية، تعتبر المناظرة الأولى انطلاقة فقط، ويتم التداول في تنظيمها بين دول افريقية أخرى، لكن بعض الانتهازيين وتجار المناظرات والمهرجانات أرادوها موردا لاغتنائهم وراهنوا عليها لإبرام الصفقات بملايين الدراهم بدون حسيب ولا رقيب. والغريب أن سيدة كانت إلى حدود سنتين “على باب الله” لا تملك قوت يومها حتى أصبحت بقدرة قادر توزع الملايين على المواقع الالكترونية وتمنحهم رشاوى مغلفة في إطار فسحة بأفخم الفنادق المراكشية ولمدة أسبوع كامل مدفوع من جيوب المغاربة، في إطار تغطية إعلامية، هي في الحقيقة ستكون تغطية على نهب أموال المغاربة المبددة في الحدث أكثر منه تغطية صحفية.

 

لماذا تمت دعوة مغاربة لاشأن لهم لا في الصحة ولا في الفلاحة ولا في المخاطر الصحية، ولا في الماء والسماء، سوى أن المنظمين يريدون جبر خاطرهم، وإعدادهم ليكونوا شهود الزورعلى ما ستكشف عنه الأيام من فضائح. والغريب أن عدد المدعويين المغاربة اكثر بكثير من الأفارقة، حتى بدا الانطباع أن المناظرة الإفريقية هي موسم للبذخ والتفاطح، وهدر المال العام في وقت تعيش فيها 5 الآف أسرة مكلومة على بعد عشر كلمترات من مقر المناظرة، يعيشون الألم والخوف والبرد والحسرة.

 

إن الإشارة البليغة للسدة العالية بالله بعدم تشريف المنظمين برسالة ملكية كما جرت العادة والطقوس المرعية، يعتبر إنذارا لهؤلاء المستفيدين وتجار الأحداث والمغتنين على حسابها، خصوصا وأن الحديث كثر حول تبديد المال العام في هذا الملتقى الذي جاء متزامنا مع ظرفية عصيبة تعيشها البلاد، التي تسارع الزمن لتوفير الأموال اللازمة لإعادة تعمير المناطق التي دمرها زلزال الحوز، هي مفارقة عجيبة يجب الوقوف عندها، فعندما تسقط علينا كائنات نكرة لتمارس الانتهاز والاغتناء من مال المغاربة في أوج المحنة، هنا يجب التساؤل و إعادة توجيه البوصلة، لنعرف إلى أن نسير ببلاد أنهكها فساد لصوص المال العام، ولنا عودة للموضوع من زوايا أخرى مختلفة ومفعمة الفساد والبذخ.