رسالة إلى لبنى أبيضار

تكتب نهار 21 يوليو، 2022 مع 10:48 مواقف وآراء تابعونا على Scoop

من حساب احمد الدافري

Loubna Abidar السيدة

قمت صباح اليوم بكتابة تعليق في صفحة المعارض الجزائري Amir dz، الذي يعيش في فرنسا والذي يؤرق العصابة الحاكمة لبلده إلى حد أنها أصدرت في الجريدة الرسمية، المختصة في نشر قوانين الكابرانات، قرارا لا مثيل له في القوانين المنشورة في الجرائد الرسمية لأية دولة في العالم، تعتبره فيه بأنه شخص إرهابي.

وقد قمت من خلال تعليقك سيدتي على منشور هذا المعارض لنظام بلده، بالحديث عن الشابة المغربية الله يجدد عليها الرحمة التي قُتلت في سبتمبر 2018  برصاص البحرية الملكية وهي رفقة مهاجرين غير شرعيين على متن قارب مطاطي كان متوجها نحو المياه الإقليمية الإسبانية ولم يتوقف رغم إنذاره ، وهي الحادثة التي كنا نحن فئة من المغاربة قد نددنا بها في حينها، واعتبرناها حادثة لم يكن ممكنا أن تحدث لو تعاملت معها عناصر البحرية الملكية بطريقة مهنية.

جيد جدا.  لقد حصل سيدتي تعليقك الذي أشرت فيه إلى تلك الحادثة الأليمة على عدد كبير جدا من إعجابات ذباب الكابرانات المطلوقين على صفحة المعارض الجزائري الذي يعيش مثلك في فرنسا، ولكنه يختلف عنك اختلافا كليا في نضاله ضد نظام بلده، وسأوضح لك أوجه الاختلاف بينكما.

فهو أولا سيدتي، هاجر بطريقة سرية من بلده في ظروف قاسية، تعرض فيها لمعاناة فظيعة، حيث قطع آلاف الكيلومترات من حدود بلدان أوروبية شرقية، أحيانا مشيا على الأقدام، قبل أن يصل إلى فرنسا.

أما أنت السيدة لبنى فقد قمت باستغلال التأشيرة الفرنسية التي أحضرها لك السينمائي المغربي نبيل عيوش للمشاركة معه ضمن بعثة فيلمه “الزين للي فيك” الذي كان يشارك به في مهرجانات سينمائية فرنسية، وبقيت هناك في فرنسا رغم انتهاء مدة التأشيرة، ورفضت العودة إلى بلدك، وروجت أنك لا ترغبين في العودة لأنك تخافين أن يقتلك المغاربة بسبب دورك في فيلم “الزين للي فيك”.

وهنا ينبغي التذكير السيدة لبنى، أنك قبل ترويجك في سفرك الثاني لفرنسا لما قلت إنه محاولة قتل تعرضت لها، كنت خلال عودتك الأولى إلى المغرب من فرنسا بعد مشاركتك ضمن بعثة عيوش في مهرجان كان السينمائي، قد وضعت خطة محكمة تساعدك على الحصول على أوراق الإقامة في فرنسا حين رجوعك إليها، وذلك من خلال ترويج أنك تعيشين الاضطهاد في بلدك، حيث بعد عودتك إلى المغرب قمت بنشر فيديو لك في الأنترنت على أساس أن شخصا ما قد اعترض سبيلك في المغرب ليلا واعتدى عليك بالضرب في الشارع، دون أن تدلي بأي شهود، ودون أن يراك أي أحد في المكان الذي تعرضت فيه للاعتداء، يعني أنك كنت بصدد المُخاطرة بحياتك من خلال التجول ليلا في الشارع وحدك رغم أنك كنت تخافين من التعرض للسوء. (يا سلام).

وما سأذكرك به السيدة لبنى، موجود إلى حد اليوم في الفيديو القصير جدا، الذي مدته ثلاثين ثانية، والذي قمت بتصويره وترويجه كي يصل إلى الجمعيات الحقوقية.

لقد صرحت في الفيديو بأن جميع المصحات والمستشفيات رفضت استقبالك (وهو ما لم يتأكد لأنك لم تعط حوله دليلا ولم تذكري أسماء المستشفيات والمصحات التي رفضت استقبالك)، وأضفت أن ولاية الأمن المغربي في الدار البيضاء رفضت الاستماع إلى شكايتك، مما جعل المديرية العامة للأمن الوطني تصدر بلاغا، تنفي فيه أن عناصرها رفضوا الاستماع إلى شكايتك، بل أكد البلاغ بأن التحقيق مفتوح للوصول إلى الفاعل الذي ادعيت أنه اعتدى عليك ودون أن تدلي بأية معلومات يمكن أن توصلهم إليه، وأنا هنا لا أدافع عن الأمن المغربي، فهو لا يحتاج إليَ وأنا لا أحتاج إليه، بل أعطي معلومات صحيحة من أجل التوضيح.

وهكذا سيدتي، عند عودتك إلى فرنسا بالتأشيرة التي كانت مازالت مدتها صالحة، رفضت العودة إلى المغرب، وبقيت هناك حاركة، واستنجدت بجمعيات حقوقية فرنسية آزرتك واعتبرتك فنانة تعرضت للاضطهاد في بلدها من الناس الذين أرادوا قتلها، ومن الأطباء الذين رفضوا علاجها، ومن الأمن الذي رفض الاستماع إلى شكايتها، وها أنت اليوم تعيشين في فرنسا، معززة مكرمة، وأتمنى بصدق ألا تكوني هناك عرضة لأي اضطهاد، وأن تستفيدي من عمل في مجال التمثيل، بصفتك فنانة مغربية، في رصيدها فيلم واحد وحيد وصلت به إلى الشهرة، جد ضعيف فنيا، متهالك من حيث البناء القصصي، شحيح إنتاجيا، وبئيس من حيث الكاستينغ حيث يعج بممثلات جلبهن المخرج/المنتج من الكاباريهات، وأنا هنا أعطي تقييما فنيا ولا أعطي حكم قيمة أو أرفض بدافع أخلاقوي أن تتحول عاملات الجنس إلى ممثلات، لأنه بالنسبة إليَ يدبرو لراسهم، للي بغات تولي ممثلة وكانت كتعرف تمثل بناء على مشاعرها وموهبتها، وليس بناء على مؤخرتها، الله يجيب ليها التيسير.

كما أن هناك سيدتي فرقا كبيرا بينك وبين الفتاة الشابة المغربية الفقيدة المأسوف على وفاتها التي سقطت ضحية رصاص البحرية الملكية.

فتلك الفتاة كانت طالبة تدرس في الكلية متعددة التخصصات بمدينة مارتيل وعمرها 22 سنة، أرادت أن تبحث عن أفق مغاير من أجل العثور على فرص أفضل  لتحقيق طموحاتها، ولم تفكر يوما أن تبيع جسدها في الكاباريهات بحثا عن الربح السهل السريع. فهي حينما ضاقت بها السيل، اقترضت مبلغا من المال، وأعطته لأحد عناصر المافيا المغربية/ الإسبانية المتخصصة في تهريب البشر، وامتطت قاربا في ظروف محاطة بالخطورة والمغامرة غير محمودة العواقب، بعدما لم تتح لها فرصة الحصول على تأشيرة بطريقة سهلة ومُيسرة.

أكتب هذه التدوينة سيدتي، ولا أنتظر الدخول من خلالها في نقاش حول قضايا شخصية لاتهمني. بل ما يهمني هو أن أعبر عن قلقي من المسار الذي تتخذينه لنفسك من أجل تحقيق طموحاتك للعيش بطريقة أفضل خارج بلدك.

إن النضال سيدتي مرتبط بالوعي، وهناك بالفعل نساء مغربيات محترمات غادرن بلدهن مرغمات ويناضلن من المواقع التي اخترنها. لكنهن يناضلن بوعي، ولا يستجدين الإعجابات من ذباب نظام لالجيري عن طريق تعليقات في صفحات المعارضين للكابرانات، وذلك ليس خدمة لقضية عادلة، وإنما لتصفية حسابات شخصية، والرغبة في إعادة الاعتبار للذات بعد التعرض لإحباطات نفسية. هذا ما كان.