استمرار معاناة المهاجرين الافارقة مع التمييز العنصري فالجزائر

تكتب نهار 20 يوليو، 2020 مع 16:50 المغرب الكبير تابعونا على Scoop

لم تجد الاحتجاجات على مقتل الأميركي من أصول إفريقية جورج فلويد، التي انطلقت من مينيابوليس واتسعت لتندّد بممارسات عنصرية في مناطق مختلفة في العالم، صدى لها في الجزائر حيث أصحاب البشرة السوداء يتعرضون لتمييز مزمن.

ويقول المهاجرون القادمون من دول جنوب الصحراء للدراسة أو العمل في الجزائر، إنهم يعانون من تمييز أصبح “عاديا”. وبين هؤلاء كثيرون يحاولون ركوب البحر بطريقة غير قانونية عبر المتوسط للوصول الى أوروبا.

ويقول المهاجر الكاميروني فابريس المقيم في الجزائر من دون أوراق قانونية “أثار مقتل فلويد غضبا شديدا كان ساكنا فينا”.

وتوفي فلويد البالغ من العمر 46 عاما أثناء قيام الشرطة باعتقاله في مينيابوليس في 25 مايو. وأظهر تشريح الجثة أن الضغط الذي مارسه الشرطيون على صدره تسبّب بوفاته التي أثارت موجة احتجاجات واسعة في الولايات المتحدة والعالم.

وتقول المواطنة المالية المقيمة في الجزائر بينتو إن هذه الحادثة “خلقت كرها تجاه ذوي البشرة الأخرى”.

لكن حركة “حياة السود مهمة” التي شهدت انتعاشا وتضامنا في دول عديدة، لم تحظ باهتمام واسع في الجزائر، وكذلك الجدل الذي رافقها.

– سوء المعاملة

وتقدّر منظمات غير حكومية عدد الأشخاص من جنسيات إفريقية بأنه يتجاوز 200 ألف في الجزائر..

وغالبية هؤلاء من المهاجرين غير القانونيين الذين عبروا الحدود التونسية الليبية أو الجزائرية عبر الصحراء في شاحنات أو سيرا على الأقدام. وهم يعملون من دون أذونات في البناء وتنظيف المنازل والزراعة إجمالا. ويشكون من سوء المعاملة التي يتلقونها سواء من قوات الأمن أو من المواطنين.

وزاد وباء كوفيد-19 من تأزم وضعهم الاقتصادي.

– تعميق الجرح

ويعتبر فابريس أن مقتل فلويد “زاد في تعميق الجرح”. بينما ترى النيجيرية عائشة التي تعيش في الجزائر أن مظاهر العنصرية تتجلى غالبا في الكلام، ولكن “وقع الكلمات أشد من الطعنات”.

وتقول بغضب “كحلوش (أسود) ومامادو وإيبولا والآن كوفيد، كلها صفات ينادوننا بها”.

وتقول الأم إن ابنها وعمره سبع سنوات يرفض الذهاب الى المدرسة لأن زملاءه قالوا له “إنه غير مرحب به بينهم”.

ويؤكد الباحث في علوم الاجتماع محمد السايب موسات على “وجوب مكافحة هذه الانحرافات بشكل مستمر” مضيفا “بعض الجزائريين ينسون أنهم أفارقة”.

والأولوية في نظره تقوم على منع تنشئة الأطفال على قبول العنصرية المتخفية التي يمارسها البعض حتى ضد سكان الجزائريين السود الذين يوصفون في بعض المناطق “بالعبيد” أو”الوصيف”.

وقد تمّ إلغاء العبودية في الجزائر عندما كانت تحت الاستعمار الفرنسي في 1848، غير أن تجارة الرق بقيت متداولة في الجزائر نسبيا بعد هذا التاريخ، حسب مؤرخين.

– ليس هناك مستقبل

ويكشف الباحث الجزائري في علم الاجتماع أنه يُنظر بطريقة سيئة للزواج بين الأفراد من ذوي البشرات المختلفة في هذه الدول. كما أن عدد مقدمي الأخبار أو الموظفين الكبار أو المسؤولين السياسيين من أصحاب البشرة السوداء، قليل.

وتروي الجزائرية كريمة أنها اضطرت الى قطع علاقتها مع خطيبها لأنه أسود لكي لا تتبرأ عائلتها منها.

كما تتذكر أمينة من مدينة وهران (35 عاما)، وهي مديرة تجارية بشركة متخصصة في صنع الدواء، وسوداء البشرة، كيف تعرضت لرشق بالحجارة أمام الجامعة. وتقول “عندما كنت عارضة أزياء تلقيت الكثير من التعليقات العنصرية”.

وأثار انتخاب ملكة جمال سوداء البشرة في الجزائر جدلا واسعا، وقيل إنها “لا تمثل” الجزائريين.

وصادق البرلمان الجزائري في أبريل المنصرم على قانون مماثل. ويرى الباحث في علم الاجتماع أن هذا برهان على أن هناك “واقعا يجب مناهضته”.

وبالرغم من هذه التشريعات، يبقى التمييز العنصري داخل المؤسسات لافتا في الجزائر.

ويقول فابريس الذي يقطن الجزائر منذ عشرين عاما “لا يمكن أن نطالب بحقوقنا ونحن لا نملك وثائق”.

وفابريس حاصل على إجازة في الحقوق ويتقن العديد من اللغات وعمل مع منظمة غير حكومية ولم يتمكن من الحصول على وثائق رسمية منذ أن ترك بلاده الكاميرون “لكي لا يعيش تحت الدكتاتورية”، قبل أن يفصح بأن “عشرون عاما، هي حياة كاملة، وهنا ليس هناك مستقبل”.

ولا يملك فابريس “خيارا سوى المغادرة الى أوروبا” ليلتحق بزوجته وطفليه الذين استقلوا قاربا وعبروا بطريقة غير قانونية من الجارة تونس.

وفي سبتمبر وأكتوبر 2018 أوقفت الجزائر نحو ألفي مهاجر إفريقي ورَحَّلتهم إلى النيجر، وفق ما ذكرت منظمات حقيقة، التي نددت بالعملية التي وصفتها بـ”التمييز العرقي” وعمليات ترحيل “غير قانونية”.

يشار  أن المغرب، قام بتسوية أوضاع 50 ألف شخص منذ العام 2014 غالبيتهم من مواطني الدول جنوب الصحراء.