أدانت غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بمدينة فاس، مساء اليوم الثلاثاء، القيادي الإسلامي بحزب العدالة والتنمية، عبد العالي حامي الدين، بثلاث سنوات من السجن النافذ، وغرامة مالية بقيمة 20 الف درهم للمطالب بالحق المدني، على خلفية مشاركته في قتل الطالب اليساري بنعيسى أيت الجيد سنة 1993.
قرار محكمة الإستئناف بفاس بإدانة القيادي الإسلامي حامي الدين، جاء بعد 22 جلسة محاكمة امتدت لعقود طويلة، عرفت ضغطا كبيرا من حزب العدالة والتنمية، والتيارات الإسلامية للدفع بإفلات القاتل من العقاب، بالرغم من تصريحات الشهود الذين أكدوا تورطه في ضرب الطالب آيت الجيد بطريقة وحشية مما أدى إلى وفاته.
ويأتي قرار غرفة الجنايات باستئنافية مدينة فاس بإدانة حامي الدين بثلاث سنوات حبسا نافذا، ليضع حدا للحملات الممنهجة الرامية إلى تشويه سمعة القضاء في المغرب بقيادة حزب العدالة والتنمية، وأمينه العام عبد الإله بنكيران، الذي وصلت به درجة الوقاحة حد التهديد بعد أن صرح سنة 2018 بالحرف قائلا: “لن نسلمكم أخانا”، في تطاول سافر على سيادة القانون، تم تجسيده على أرض الوقع عبر تنفيذ الحزب المتأسلم ساعتها إنزالا غير مسبوق أمام محكمة فاس.
وتعتبر جريمة قتل الطالب اليساري بنعيسى أيت الجيد سنة 1993 وصمة عار في جبين طيور الظلام والتكفيريين، الذين أطلقوا لأنفسهم عنان تكفير كل من يعارض اتجارهم بالدين، وكل من وقف في طريق مشروعهم الظلامي الذي أرادوا من خلاله تقسيم المغاربة، وزرع بذور الفتنة الطائفية بينهم.
وإذا كان أتباع ومريدو الزاوية البنكيرانية، وأزلامهم من المتطرفين قد بذلوا كل ما في وسعهم لإشعال فتيل حرب أهلية في العقود الماضية، إمتثالا لدستور التكفيريين، ألا وهو كتاب “معالم في الطريق” لمؤلفه سيد قطب، والذي يعتبره بن كيران ملهمه لإنشاء الدولة الإسلامية، فإن قرار القضاء المغربي بسجن حامي الدين، وإن كان قد تأخر لسنوات طويلة، ألا أنه جاء ليقطع الشك باليقين على أن الدولة المغربية ماضية على درب مكافحة التطرف، وقيم العنف، وأساليب الترهيب الذي إعتاد تجار الدين والأزمات على إشهارها في كل محطة بوجه المغاربة لتحقيق مآربهم السلطوية.
وبينما قد يرى البعض في الحكم بالسجن على حامي الدين مجرد قرار قضائي يفصل في قضية جنائية، وإنصافا لعائلة الضحية التي تعرضت للظلم والتشهير على أيدى الآلة الدعائية المتأسلمة طيلة السنوات الماضية، إلا أن العارفين بخبايا الأمور يعتبرون إدانة القاتل المتأسلم بالسجن النافذ، بمثابة دق لآخر مسمار في نعش التيارات التكفيرية بالمغرب، التي لعبت دورا خبيثا في نشر قيم التطرف التي كانت سببا مباشرا في تنامي الفكر الإرهابي.
إن المغرب الذي ينخرط في دينامية عالمية تدافع عن التآخي والسلام قيم التعايش، لم يعد بإمكانه القبول بتمطيط قضايا العنف الطائفي، في ردهات محاكمه تحت أي ظرف كان، وهو ما يتجسد اليوم بقرار غرفة جنايات فاس إدانة حامي الدين بالسجن النافذ، بالرغم من أن أصواتا حقوقية وداخل مواقع التواصل الاجتماعي تعتبر الحكم مخففا، وأن القضاء كان عليه ان يأخذ بعين الاعتبار خطورة الجريمة، وأن تمتيع المجرم بظروف التخفيف لا يليق بفظاعة الجرم.