خطاب العرش : طوق النجاة الذي قدمه جلالة الملك للشعب الجزائري، و إبراء للذمة، و إشهاد للعالم

تكتب نهار 1 أغسطس، 2021 مع 13:49 المغرب الكبير تابعونا على Scoop


رسائل جلالة الملك محمد السادس نصره الله إلى الجزائر بمناسبة الذكرى 22 لإعتلاء جلالته عرش أسلافه الميامين هي رسائل تخاطب عقلاء الجزائر و ضميرها الحي من أجل تغليب مصلحة الشعب الجزائري على أي مصلحة أخرى و بأن هناك جسما دخيلا بحسب وصف جلالته و أن هذا الجسم الدخيل هو السبب الرئيسي في تعميق الأزمة بين الدولتين، هذا الجسم الذي ورثته الجزائر عن حقبة الإستعمار هو الذي كان سببا في حفر خندق عميق بين الأشقاء حيث أنه عمد مند إنقلابه على النظام الشرعي في الستينات من القرن الماضي على دق الأسافين و إذكاء نار الفتن بين الشعبين موظفا في ذلك أدرعه الإعلامية و الصحفية.
و قد نبه جلالته نصره الله خلال خطابه السامي بأن تطور تكنولوجيات التواصل الحذيثة لم تترك أي مبرر أو مجال للتملص من المسؤولية التاريخية و الأخلاقية لمن لا زالو يذكرون المغرب بالسوء، إفتراء أو جهلا، و يعملون على مغالطة الرأي العام الجزائري مدعين أن المغرب يريد شرا بأشقائه الجزائريين، فوسائل التواصل الحذيثة تنقل حقيقة المملكة المغربية بشكل جلي و واضح، و تظهر التطور الكبير و التقدم المتواصل و الرقي الملموس الذي تعيشه المملكة في جميع المجالات، و ذلك بعكس ما يتم الترويج له من قبل إعلام و مواقع “الجسم الدخيل” بأن المغرب يعاني من الجوع و أنه دولة متخلفة تقتات على تصدير المخدرات و صناعة الازمات لجيرانها فكل ذلك مجرد بروباغاندا فارغة، هدفها ترهيب الشعب الجزائري، و مغالطته عبر غسل أدمغته بسيناريوهات مفبركة، بكون الأخطار و المكائد تتربص بحدوده الغربية، و ذلك لكي يشرعن هذا “الجسم الدخيل” تعنته و إمعانه في إرتكاب أكبر جريمة إنسانية عرفها التاريخ و هي إحتجاز شعب بأكمله و ترهيبه و تكميم أفواهه و قمع أصواته الحرة و نهب ثرواته و أمواله . و قد أكد جلالة الملك أعزه الله خلال هذا الخطاب السامي بأن على الشعب الجزائري عدم إغلاق عقله بالرغم من إغلاق الحدود، فالعدو الحقيقي للشعب الجزائري هو ذلك الجسم الدخيل الذي تعمد إغلاق الحدود و توطين الجريمة المنظمة بالمنطقة و جلب منظمات إجرامية تتاجر معه بملفات الهجرة و التهريب و الإرهاب. و قد تمادى في قمع و سلب حرية التنقل للأفراد، لأنها مبدأ أساسي تكفله جميع الكتب السماوية و القوانين و الأعراف الدولية و الإعتداء عليها هو إعتداء على سيادة القانون الدولي و مواثيق الأمم المتحدة و مجلس الأمن.
و من جهة أخرى فإن خطاب جلالة الملك محمد السادس نصره الله جاء ليعلن بشكل ضمني على أن الستار قد أسدل على النزاع المفتعل حول الصحراء و أن المغرب يعتبر أن هذا الملف قد تم حسمه بشكل نهائي، لذلك فعلى العقلاء داخل الجزائر بأن يتوقفوا عن السير في طريق مسدود و أن يغيروا بوصلاتهم و يراجعو أولوياتهم الإستراتيجية و الأمنية و الإجتماعية لأن إستمرارهم في إذكاء نار الفتنة لن يجلب للشعب الجزائري و للمنطقة، إلا المزيد من المآسي و المعانات.
إن خطاب جلالة الملك هو إبراء للذمة أمام الله و أمام التاريخ و أمام شعوب المنطقة، و إشهاد للعالم أجمع بأن المغرب لم و لن يدخر جهدا طيلة مراحل هذا النزاع في سبيل تجاوز أزمته مع الجزائر وعيا منه بعمق الترابط الذي يجمع الشعبين و حرصا منه على تجنيب المنطقة المغاربية نيران المكائد و الدسائس التي تحاك ضدها. فالمغرب يعتبر أمن و إستقرار جارته الشرقية إمتداد لأمنه و إستقراره و أن أي خطر يحدق بها فهو بالتالي خطر يمس أمنه القومي لذلك فمن منطلق مسؤوليته الروحية كأمير للمؤمنين ليس في المغرب وحسب بل و على إمتداد الأقطار و الأمصار، فإن جلالته تحمل مسؤوليته التاريخية و الأخلاقية و الإنسانية و تكلم بكل جرأة و شجاعة واضعا صفحة الخلافات على هامش المصلحة العليا لشعوب المنطقة، مغلبا جلالته لصوت العقل و المنطق و الحكمة.
فعلى عقلاء الجزائر إذا إستقبال الرسالة الملكية بشكل براغماتي و إيجابي و اعتبراها بمثابة طوق للنجاة أبى جلالة الملك محمد السادس نصره الله إلا و أن يرسله إلى الشعب الجزائري حتى ولو في الدقائق الأخيرة قبل أن تتدهور الأضواع داخل الجزائر أكثر و تلفظ وضعية الإستقرار آخر أنفاسها.
و واهم من يظن أن نبرة الخطاب الملكي و مضامينه الراقية و الإنسانية هي ضعف من المغرب أو تنازل منه و جاهل من يعتبر مبادراته الإنسانية بفتح الحدود و الحوار، نوع من التهاون أو المهادنة في صراعه مع الجسم الدخيل بل يجب الإنتباه هنا إلى أن الملك محمد السادس نصره الله قد ربط دعوته النبيلة، بعدم مقابلتها بالأجوبة المشروطة أو البروباغاندات العنترية فالجزائر في وضعها الحالي ليست في موقع يسمح لها بوضع الشروط أو المزايدة على مبادرات اليد الممدودة التي يقدمها جلالة الملك . فكما اسلفنا الذكر سابقا إن دعوة جلالته للحوار و تجاوز الخلافات تعتبر بمثابة طوق النجاة الأخير الذي يستطيع المغرب أن يقدمه للشعب الجزائري لإنقاده قبل تفاقم الأوضاع و قد جائت هذه المبادرة مرفوقة بإشهاد للعالم و إبراء للذمة أمام الله و أمام التاريخ و أمام شعوب المنطقة.