الاثر القانوني لمرسوم الاعلان الرئاسي بمغربية الصحراء في السياسة التشريعية الأمريكية،و مواقف أمريكا التاريخية الداعمة للمغرب

تكتب نهار 2 يوليو، 2021 مع 11:54 دولي تابعونا على Scoop

✍️ بقلم: سعد معروف

المرسوم الرئاسي لم يعد متوقف في حدود ساعته و يوم إمضاءه من طرف ترامب،و انما الامر تجاوز ذلك و أخد صيغة قانونية بجملة من التشريعات،بعد نشره بـ’السجل الفيدرالي’ الذي يعتبر بمثابة ‘الجريدة الرسمية’ للدولة بالولايات المتحدة الأمريكية،بإعتباره الأرشيف القانوني و الوثائقي،الذي يجمع كافة القوانين التشريعية والتنفيذية و مشاريع القوانين و القرارات و المراسيم الرئاسية التي تصدر عن كافة مؤسسات الدولة إلى رأسها رئيس الدولة،و بموجب ذلك تم إعتماد و تغيير كافة الخرائط الرسمية بمؤسساتها و تمثيلياتهم الدبلوماسية بخرائط جديدة تعترف بسيادة المغرب على صحرائه.
بعدها جاء دور السفير الأمريكي دافيد ت. فيشر  بإعطاء الانطلاقة للعملية الرسمية بمدينة الداخلة لافتتاح قنصلية بالأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية،تعبير عن إلتزام لدعم التنمية الاقتصادية بالمنطقة،الطرح الذي أكده كذلك الرئيس التنفيذي للمؤسسة الأمريكية لتمويل التنمية الدولية “آدم بوهلر”،بإلتزام الولايات المتحدة بالاستثمار في بناء الازدهار الاقتصادي لجميع المغاربة،و خاصة في الأقاليم الجنوبية،و في نفس الحدث كان قد أكد وزير الخارجية المغربي السيد ناصر بوريطة التوقيع على اتفاق التعاون يمتد لعشر سنوات في المجال العسكري بين البلدين،هذا التعاون الوثيق نتج عنه إدراج في مناورات الاسد الافريقي 2021 لاول مرة مناطق عسكرية في الصحراء المغربية تعبيرا عن صلابة الموقف الامريكي.

هذا المرسوم الرئاسي انعكس كذلك على القرارات الديبلوماسية للخارجية الامريكية و المنتظم الدولي،إذ أبلغت السفيرة الممثلة الدائمة لدى الأمم المتحدة السيدة كيلي كرافت،مجلس الأمن الدولي و الأمين العام للأمم المتحدة،بفحوى الإعلان الصادر عن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب،و التي تم تسجيلها في سجلات الأمم المتحدة كوثيقة رسمية من وثائق مجلس الأمن،و توزيع نص الإعلان بعد ذلك على الدول الـ193 الأعضاء بالامم المتحدة،هذا المعطى في الاساس يتماشى مع اخر تقرير لمجلس الامن في متم السنة الفارطة،الذي أقر أن الحل السياسي هو الأنسب لحل النزاع الاقليمي المفتعل،و ألغى إعتماد القرارات التي صدرت في تقاريره قبل 2007،بمعنى أطروحة الاستفتاء لتقرير المصير التي يروج لها البوليساريو و صنيعتها الجزائر لم تعد موجودة أو مطروحة في نقاشات مجلس الامن و تجاوزها،و بناءا عليه شاركت 40 دولة في المؤتمر الوزاري لدعم مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية،بدعوة من المملكة المغربیة و الولایات المتحدة الأمریكیة،عبر فيه المشاركون عن إلتزامهم و دعمهم القوي للمبادرة باعتبارها الأساس الوحيد لحل عادل و دائم للنزاع حول الصحراء.
و لا ننسى بالذكر الاتفاق الثلاثي الذي جمع بين المغرب و إسرائيل و الولايات المتحدة،تضمن اعترافا أمريكا بسيادة المغرب على صحرائه،هذا الاتفاق مر في مراحله داخل مؤسسات الدولة الاسرائيلية وصولا إلى المجلس الوزاري الذي وافق عليه و عزز بعدها بعقد مجموعة اتفاقيات التعاون مع المغرب في عدة مجالات،و مع صعود الادارة الجديدة برئاسة جو بايدن،أصدرت بيانا على لسان مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان أبلغ نظيره الإسرائيلي أن إدارة بايدن ستعمل عن كثب بشأن قضايا الأمن الإقليمي للبناء على اتفاقيات التطبيع الإقليمية،تلتها نشر كتابة الدولة الأمريكية في الخارجية نص الإعلان الثلاثي،الذي يعتبر ملزما للأطراف الموقعة عليه،و يتضمن اعترافا امريكيا بسيادة المغرب على صحرائه،ما يؤكد استمرارية العمل بالمرسوم بشكل طبيعي مع الادارة الجديدة،و سبقها بذلك صدور تقرير وزارة الخارجية الأمريكية حول حقوق الإنسان لسنة 2020،أدرج لأول مرة الصحراء المغربية في الباب الخاص بأوضاع حقوق الانسان في المملكة،مما يؤكد تجديد و تمسك إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن،بقرار الرئيس ترامب القاضي بالاعتراف بسيادة المغرب الكاملة على أقاليمه الجنوبية،هذا التمسك أعرب عنه كذلك وزير الخارجية أنتوني بلينكن عن دعم بلاده للمفاوضات السياسية لحل ملف الصحراء في إظهار تام لاستمرارية دعم مغربيتها،و استمر الحال على تأكيد هذا الالتزام بعدة إشارات جاءت في تصريحات لمسؤولين بالادارة الامريكية الحالية وصولا إلى التصريح الاخير للمتحدث بإسم وزارة الخارجية نيد برايس خلال مؤتمر صحفي أكد على أنه ليس هناك “أي تغيير” في موقف بلاده بخصوص الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء،و أن هذا سيظل موقف إدارة الرئيس جو بايدن.

و كي نفهم جيدا طبيعة العلاقات المغربية الأمريكية القائمة على ثوابت و تاريخ و قيم مشتركة،نجد دائما تذكير أكثر من رئيس أمريكي بالاعتراف المغربي باستقلال الولايات المتحدة الامريكية كأول دولة في العالم تقر بذلك،و هو نفس المعطى الذي كان قد أشار له الرئيس السابق ترامب في تغريدته بتويتر يوم إعلانه للمرسوم في إشارة لربط تاريخ سيادة بلده بسيادة المملكة المغربية،مسار هذه العلاقات التاريخية ميز سياسة أمريكا في تعاملها الخاص مع قضية الصحراء المغربية،فبالعودة لوثائق رفعت عنها السرية لوكالة الإستخبارات المركزية الأمريكية “CIA” و إلى لمذكرات وزير الخارجية السابق هنري كسنجر الذي عاصر بداية المشكل المفتعل بالصحراء المغربية،نستخلص ان الديبلوماسية الأمريكية كانت في الظاهر تتخد موقف الحياد بين أطراف النزاع،ولكن في مشاورات الثنائية المغربية الامريكية كانت هذه الأخيرة تميل لمصالح المغرب و تعطيها تطمينات بدعمها،بحكم ميول النظام الجزائري للمعسكر الشرقي أيام الحرب الباردة و عدم رضى الولايات المتحدة باستمرارية حكم الديكتاتور فرانسيسكو فرانكو لاسبانيا، كونه مقلق لمصالحها و لأهدافها المتمثلة في تقويض و كبح الشيوعية و الاشتراكية،و توالى الدعم الأمريكي للمصالح المغربية،ففي وثيقة رفعت عنها السرية عبارة عن مراسلة من السفير المغربي السيد عزيز مكوار في واشنطن إلى وزارة الخارجية الأمريكية،تظهر الدور الذي لعبته في الدفع بالتخلي عن خطة الامم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء لما لم تكن ترى فيه مصلحة للمغرب و المنطقة،و أقنعت الراحل الحسن الثاني بذلك،ليأتي بعدها في بداية عهد الملك محمد السادس مقترح المبعوث الأممي جيمس بيكر المتمثل في مبادرة ” اتفاق الاطار”،و حتى بعد تفاجئ المغرب بتغييره إلى ما عرف ب”خطة السلام” و التي لم يكن راضيا عنها،جاء الدعم الأمريكي مرة أخرى على هامش الدورة 58 للجمعية العامة للأمم المتحدة،خلال لقاء بين الملك محمد السادس و الرئيس جورج بوش،الذي أكد أن الولايات المتحدة لن تدعم أبدا أي اقتراح لن يقبل به المغرب،و في 2006 نصحت بوضع خطة مثمثلة في الحكم الداتي تحت السيادة المغربية،و وعدت أنها ستعلن دعمها لذلك بشكل علني كحل وحيد لانهاء المشكل المفتعل،لتأتي سنة بعدها في 11 أبريل 2007 بتقديم المملكة المغربية بشكل رسمي مقترح الحكم الذاتي من خلال رسالة من الملك محمد السادس إلى الأمين العام للأمم المتحدة،هذه المبادرة استمرت الاشادة بها من الإدارات الأمريكية التي لحقتها وصولا الى يوم الاعلان عن الاعتراف الامريكي بمغربية الصحراء و سيادته الكاملة عليها،و الذي أتى تزكية و ختاما لهذا المسار التاريخي من الدعم و العلاقات الثنائية القوية، و هو ما تمت الإشار له حرفيا في المرسوم الرئاسي لترامب بجملة (بناءا على توصيات الادارات السابقة).