كومينة يكتب عن أوجه التخلف الذهني والثقافي والسياسي لنظام الجنرالات الفاشل

تكتب نهار 1 يناير، 2021 مع 15:14 مواقف وآراء تابعونا على Scoop

ما قاله الرئيس الفلسطيني محمود عباس ابو مازن في خطابه بمناسبة ذكرى انطلاق الثورة الفلسطينية هو نفسه ما يقوله المغرب ولا يحيد عنه قيد انملة.

ابو مازن أكد ان القضية الفلسطينية هي اولا وقبل كل شيء قضية وطنية للشعب الفلسطيني، الذي ناضل وما يزال من اجل حقوقه المغتصبة ومن أجل بناء دولته الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس وإطلاق سراح الاسرى والمعتقلين وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين،  مشيرا في هذا الاطار الى القرارات الاممية والعربية ذات الصلة التي تعضّد النصال الوطني الفلسطيني، وايضا الى المكاسب التي حققها الفلسطينيون على مستوى عدد من المنظمات الدولية بفضل ديبلوماسية القوى العاقلة الفلسطينية والمساندة التي كانت وراء تلك المكاسب.

وهذا ما يقوله المغرب بدون لف ولا دوران ولا استغلال فجّ للقضية الوطنية للشعب الفلسطيني لبلوغ أهداف لا علاقة لها من قريب أو بعيد بهذه القضية، ولعل ذلك هو ما جاء في بلاغ الديوان الملكي عقب الاتصال بين الملك محمد السادس والرئيس ترامب المتعلق بإصدار مرسوم رئاسي تعترف بمقتضاه الولايات المتحدة بسيادة المغرب على اقاليمه الجنوبية ودعم الحكم الذاتي كمشروع وحيد لحل النزاع مع الجزائر وتابعيها.

هذا ما يجعل حملات التخوين التي تروج لها أبواق النظام الجزائري، الموافق على مخطط السلام العربي المعتمد في القمة العربية ببيروت المؤكد على حل الدولتين المقبول فلسطينيا، حملات تستغل القضية الفلسطينية استغلالا بشعا غرضها الإساءة الى صورة المغرب وليس غيرة او نخوة او “نيف”، وهو استغلال يكشف عن مستوى التردي الاخلاقي للنظام العسكري الجزائري الفاسد، والذي لم يتردد في البحث عن علاقات متسترة مع الصهاينة كما انكشف ذلك أكثر من مرة.

فالتخوين المتردد بلا أدنى خجل من طرف مرتزقة يؤتمَرون بأوامر الجنيرالات الجزائريين المتحكمين في كل شيء، إذا كان يسري على مواقف المغرب فهو يسري اذن على القيادات الفلسطينية التي يبرز خطاب الرئيس ابو مازن خارطة الطريق التي اتبعتها وتتبعها من اجل نيل حقوق الشعب الفلسطيني والتي تركز على العمل الديبلوماسي وتراهن على إجراء مفاوضات برعاية الترويكا ومن يمكن ان يلتحق بها.

في خطاب ابي مازن، كما الخطاب المغربي، وهنا يكمن الفارق مع خطاب المتخلفين الغارقين في ماض مضى وانقضى، وعي بان العالم تغير وان هذا التغيير سيكون له لا محالة اثر على المنطقة العربية، التي تسعى كل القوى الفاعلة في الساحة الدولية الى ادماجها وانهاء ميلها الى القوقعة الناتجة بالأساس عن إحساس بالضعف والخوف، تغذيه انظمة من زمن آخر ويساور مع الاسف بعض المحسوبين على اليسار ممن لم يعوا بعد ان الاتحاد السوفياتي انهار بسبب عجزه عن إدارة التحول وان الصين ماضية في طريق إنجاح تحولها الذي دشنته في اواخر سبعينات القرن الماضي، ولم يفهموا بعد ان العولمة مرت من هنا وانها باقية حتى ولو طرأت عليها بعض التغييرات بعد كوفيد-19 ….الخ.

خطاب الخيانة والبيع والمقايضة وغير ذلك مما تحاول أبواق النظام لجزائري والعصابة التابعة له الترويج له، بتعبئة أصناف من مرتزقة الصوت والصورة والقلم والنقر، خطاب بليد يعكس بشكل لا غبار عليه حالة يأس قصوى في مواجهة تقدم المغرب على طريق تأكيد سيادته الوطنية على صحرائه، التي استرجعها من الاستعمار الاسباني وتصدى لمحاولات بئيسة لخلق دويلة تحت هيمنة عسكر الجزائر  تشكل حاجزا بين المغرب وعمقه الافريقي وتعزله.

إن من انتهوا الى معزولين ينظر لهم العالم على انهم من بقايا زمن فات وانهم يعيشون في حالة فوات، هم هؤلاء الذين ينيخون على الشعب الجزائري بكلكلهم، كما تنيخ الدواب بكلكلها على من ترغب في كسر عظامه، واحساسهم بالعزلة والعجز على التحول والتكيف مع عالم لا يمتّون له بصلة،  بالإضافة الى كونهم استهلكوا كل الارصدة التي اجازت لهم فيما مضى التصرف بدون تريث ولا حساب، هو ما يؤجج الاقتتال المفتوح بينهم وبحثهم عن الحلول  الغائبة لدى من كانوا وراء خلق المشاكل او مفاقمتها داخليا وهروبهم إلى الامام بالدفع نحو  مزيد من التوتر مع الجوار والحملات العدائية التافهة والمغرقة في العنصرية تجاه الغير، ويمثل خطاب بوق المخابرات، الذي يسميه الجزائريون “بنقصديرة”، قمة هذه العنصرية التي لا تتجرأ عليها بنت “لوبن” او زعيم اليمين المتطرف الهولندي المعادي للمغاربة. إننا أمام فاشلين ينخرهم إحساسهم بالفشل وبرفض الشعب الجزائري لاستمرارهم في فرض الفشل عليه، ولذلك لا عجب ان يكونوا على هذا القدر من العدوانية.

نسيت ان أشير الى ان هؤلاء الفاشلين يتعلقون بروسيا كما لو انها ماتزال الاتحاد السوفياتي، وكما لو ان الحرب الباردة لم تنته وكما لو ان العولمة لم تصلهم بعد، وهذا وجه آخر من اوجه الفوات الذهني والثقافي والسياسي لنظام فاشل.