المغرب ونظام العسكر بالجزائر: شكون غيعتذر للآخر ؟

تكتب نهار 14 مايو، 2020 مع 13:22 مواقف وآراء تابعونا على Scoop

رشيد نيني

من حق وزارة الخارجية المغربية أن تتخذ الموقف الذي يناسبها بخصوص قضية قنصل المملكة بوهران، فهذا شأن سيادي يخص المملكة.

لكن ما حدث يدعو لطرح بعض الأسئلة وتوضيح بعض الأمور في علاقة حكام الجزائر مع المغرب.

طيلة الوقت وبشكل مستمر في القنوات التلفزيونية والجرائد الجزائرية نسمع ونرى القادة الجزائريين يعتبرون المغرب بلدا محتلا يستعمر الصحراء، والرئيس عبد المجيد تبون بنفسه قال إن قضية الصحراء هي قضية تصفية استعمار. هذا إذن يعني أن رئيس دولة يعتبر أن المغرب بلد مستعمر.

وهذا الكلام ليس جديدًا، فشنقريحة رئيس أركان الحرب الجزائري الحالي سبق له أن قال في سنة 2016 خلال مناورات حضرها في تندوف أن المغرب عدو للصحراويين وعدو للجزائر، وأن الصحراء أرض مستغلة بشكل غير قانوني من طرف المحتل الطاغي المغربي.

وقبل ثلاث سنوات هاجم وزير الشؤون الخارجية الجزائري، عبد القادر مساهل ، المغرب حيث قال أن “المملكة التي يصفها البعض كمثال ناجح للاستثمار في إفريقيا تقوم في الحقيقة بتبييض أموال الحشيش عبر فروعها  البنكية في القارة، وإن خطوطها  الجوية لا تنقل فقط المسافرين”، في إشارة إلى أن طائرات لارام تنقل الحشيش.

وإذا أردنا أن نعدد التصريحات التي قالها قادة جزائريون ضد المغرب والتي يعتبرون فيها بلدنا عدوًا فإننا سنحتاج لمجلدات كثيرة.

لذلك فعندما نأخذ ما قاله قنصل المغرب في وهران من كون الجزائر بلد عدو ونقارنه بما قاله ويقوله مسؤولو الجزائر ضد المغرب، الذي لا يصفونه فقط بالعدو بل بالمستعمر الذي يحتل ويستغل أرضًا ليست له، فإننا نخرج بخلاصة مفادها أن قضية القنصل ليست قضية أصلا، وأن الضجة التي افتعلتها وسائل الإعلام الجزائرية ليست سوى ستار دخان لتغطية المشاكل الداخلية الخطيرة التي تواجهها الجزائر، خصوصا بعدما انهارت أسعار النفط وقررت إسبانيا الاستعاضة بالغاز الأمريكي عن الغاز الجزائري.

وسيكون من نافل القول أن نوضح أن كلام القنصل لا يسري على الشعب الجزائري الذي نشترك معه اللغة والدين والثقافة والدم، بل يسري على التصريحات العدوانية للقادة الجزائريين الذين يعتبرون فيها المغرب عدوهم الأول.

في كل مرة أقرأ موضوعا أو خبرا حول الشأن المغربي الجزائري وأرى كيف يلصق كاتب المادة تصرفا أرعنا للقادة الجزائريين بالجزائر كشعب وبلد أشعر بالحزن، فالجزائر كشعب وأمة وبلد ليس مسؤولا عن حماقات وعقد حفنة من قدماء العساكر الذين يرهنون مستقبل الشعب الجزائري ويمسكون بخناقه.

إننا كشعب مغربي وكدولة متضامنون مع الشعب الجزائري في محنته، وندعمه في حقه في تقرير مصيره والعيش على أرضه بحرية وكرامة والإستفادة من ثرواته الطبيعية التي يضع عائداتها قادتهم في أرصدتهم بالخارج ويخصصون ما تبقى منها لتمويل وتغذية العداء ضد المغرب في كل بقاع العالم.

إن المغرب لم يكن لديه في يوم من الأيام مشكل مع الجزائر كشعب ولا كقيادة، بل إن قيادات الجزائر، من بنبلة إلى تبون، مرورا بالهواري بومدين والشاذلي بن جديد وعلي كافي وليامين زروال وبوتفليقة هي التي كانت لديها مشاكل مع المغرب.

مشكلة الحكام في الجارة الشرقية أنهم “معاندين” مع الملك، “والزغبيين كون غي كانت عندهم الخرقة للمعاندة”، الحسن الثاني رحمه الله شيد أكبر مسجد في الدار البيضاء، “ناض” بوتفليقة وقرر أن يشيد أكبر منه، “راهم باقين حاصلين فيه”.

الملك محمد السادس شيد أكبر ميناء في طنجة، ناض الرايس ملي كان باقي رايس وقال لهم “بغيت واحد بحالو”، فشرعوا في وضع التصاميم  عندما أرادوا الشروع في البناء وجدوا أن صناديق الدولة فارغة.

الملك شيد أكبر محطة للطاقة الشمسية في ورزازات، “ناضو الخوت” وقالوا لمهندسيهم “بغينا بحالها”، واقترحوا أسعارا لبيع الطاقة أقل من تلك اقترحها المغرب، “غي باش يناكيونا والسلام”، وإلى اليوم لم تظهر هذه المحطة الشمسية.

الملك نظم مؤتمرا للقادة الأفارقة على هامش الكوب 22 بمراكش، “ناضو” الإخوة ونظموا منتدى اقتصادي يجمع رجال الأعمال الأفارقة، وقد “نجح” المنتدى في تشويه صورة الجزائر أمام القلة القليلة من رجال الأعمال الذين استجابوا للدعوة بعدما انسحب أعضاء الحكومة الجزائرية غاضبين من بعضهم البعض بسبب صراع حول الأسبقية في أخذ الكلمة، وعوض أن يسفر المنتدى عن توقيع شراكات أسفر عن الكشف عن وجود صراع بين عبد المالك سلال الوزير الأول السابق ووزير الخارجية السابق رمطان العمامرة، أي أنهم عوض أن يروجوا لصورة الجزائر “ضربو الطر” لها.

وحتى الشأن الديني الذي يقوده الملك تحت مؤسسة إمارة المؤمنين أراد بوتفليقة عندما كان رئيسا أن ينقله، فعندما أطلق الملك مشروع تكوين الأئمة في مالي وغينيا كوناكري وليبيا وتونس، كتبت جريدة “الشروق” أن المغرب يكون الأئمة الماليين ضد الجزائر، وأعلن بوتفليقة عن تأسيس معهد لتكوين أئمة دول الساحل، وها نحن لازلنا ننتظر أن يتخرج هذه الأفواج الموعودة من الأئمة.

والنتيجة أن “النقيقيل بقا تابع الملك حتى جابها فراسو”، إذ أن كل المشاريع التي نقلها من الملك وأراد تطبيقها أوصلها إلى الإفلاس أو لم يستطع أن يشرع فيها أصلا.

والسبب هو أن هدف الحكام الجزائريين ليس هو جلب استثمارات للجزائر لخلق فرص الشغل وتنمية البلد، ولكن هدفهم هو “التعانيد” مع الملك، حتى ولو كلفهم ذلك “تغراق الشقف” للجزائر.

اليوم بسبب كلمة قالها القنصل المغربي في وهران انتهت مشاكل القادة الجزائريين ولم يبق لهم مشكل آخر سوى مطالبة المغرب بطرد القنصل وتقديم اعتذار للجزائر، التي بالمناسبة يصفنا قادتها النهار وما طال بالمستعمرين والأعداء.

فمن عليه أن يطلب الإعتذار من الآخر يا ترى ؟