إمارة المؤمنين وإفريقيا..تأثير روحي وروابط تاريخية مشتركة منذ انتشار الإسلام

تكتب نهار 24 مايو، 2022 مع 21:37 سياسة تابعونا على Scoop
أبرز أساتذة وباحثون مهتمون بالشأن الديني، اليوم الثلاثاء بالرباط، التأثير الروحي للمغرب في إفريقيا من خلال إمارة المؤمنين والروابط التاريخية المشتركة التي جمعت بين الجانبين منذ بدء انتشار الإسلام في إفريقيا. جاء ذلك خلال أشغال الندوة الدولية الرابعة التي تنظمها على مدى يومين مؤسسة دار الحديث الحسنية، حول موضوع « الإسلام الإفريقي أو إفريقيا المسلمة » بمشاركة أساتذة وباحثين وطلبة من المغرب وبلدان إفريقية وإسلامية عدة.

وفي هذا الصدد، اعتبر محمد اشتاتو أستاذ بالجامعة الدولية بالرباط، في محاضرة حول موضوع « جوانب من الإسلام في افريقيا » ان التأثير الروحي للمغرب في افريقيا ممتد في التاريخ ،ولا زال الى اليوم من خلال الديبلوماسية الدينية التي تؤطرها مؤسسة إمارة المؤمنين، والتي تعمل على ربط الماضي بالحاضر والحفاظ على القواسم الدينية المشتركة بين المغرب وافريقيا.

وشدد على الدور الذي تضطلع به مؤسسات دينية وطنية في استقطاب وتكوين رجال دين وأئمة أفارقة على غرار دار الحديث الحسنية التي تضم العديد من الطلبة من بلدان افريقية مختلفة، وكذلك مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة ومؤسسات أخرى، مبرزا أن المغرب أخذ على عاتقه القيام بدور « سفير الإسلام في افريقيا »، بكل ما تحمله هذه المهمة من تأثير.

وأشار في سياق الحضور الروحي المغربي المتزايد في افريقيا إلى أن زيارة بلدان افريقية كنيجيريا وتشاد ومالي والسينغال والنيجر، ستظهر وجود روابط تاريخية مغربية في هذه البلدان كالمدارس القرآنية والمدارس الصوفية وانتشار المذهب المالكي.

وسجل اشتاتو أن هذا التأثير الروحي جعل الإسلام محصنا في افريقيا، إذ لم يستطع الإستعمار الأوروبي محوه رغم كل المحاولات التي قام بها لجعل البلدان الإفريقية مسيحية، مبرزا أن الإسلام وصل الى افريقيا عن طريق الدعوة بداية من العصر المرابطي.

وأضاف الأستاذ الباحث أن كبار العلماء المسلمين اليوم في افريقيا يجتهدون في قراءة الإسلام وفق رؤية وسطية معتدلة يؤطرها المذهب المالكي. واستطرد اشتاتو في الحديث أيضا عن الروابط الروحية التي تجمع المغرب بعمقه الإفريقي، مؤكدا أن هذه العلاقة وطدتها الزوايا الصوفية، وعلى رأسها الزاوية التيجانية.

واعتبر أن سيدي أحمد التيجاني استطاع جمع مريدين من بلدان إفريقية كثيرة، وهو ما يؤكد أن التصوف يضطلع بدور كبير في تكريس الإسلام وتعزيز الروابط المشتركة بين البلدان الإفريقية.

من جهته، اعتبر مدير معهد محمد السادس للقراءات والدراسات القرآنية، الساقي خالد، في مداخلة حول موضوع « توافق الإسلام مع المجتمعات الإفريقية »، ان ما جعل الإسلام ينتشر بقوة في افريقيا هو بالأساس في مبادئه التي تسعى الى تدبير الإختلاف والتنوع. وهذا التنوع برأي الساقي هو الذي تتشكل منه جل المجتمعات الإفريقية.

واستطرد المتحدث أن المسلمين عندما وصلوا الى افريقيا عملوا على الدعوة الى تنظيم العلاقات بين الناس على أساس العدل والتربية على الأخلاق وجعل التقوى في اسمى الدرجات وليس الغنى او الجاه أو المكانة الاجتماعية.

وأشار الساقي إلى أن مظاهر التدين في افريقيا تشكلت في نسخة مشابهة لما كانت عليه في المغرب،حيث شكلت المدارس القرآنية « المسيد » مدارس للتعليم الديني الأولي.

وفي المحور المتعلق بامتداد القوة الناعمة للمغرب في افريقيا: الإنجازات،الآفاق والتحديات، تناولت حليم نادية الأستاذة بدار الحديث الحسنية، موضوع العلاقات بين المغرب وافريقيا باعتبارها علاقات حلفاء من أجل التقدم والسلام.

وأكدت ان هذه العلاقات ممتدة في التاريخ، حيث صارت افريقيا في قلب السياسة الخارجية للمغرب من اجل بناء علاقات للتنمية والتقدم والتعبئة لكافة البلدان الإفريقية، مبنية على الربح المشترك.

واستعرضت في السياق ذاته، العلاقات الثقافية والفنية التي شكلت إطارا مشتركا بين المغرب وافريقيا على غرار فن « كناوة » الذي يعتبر انصهارا مغربيا افريقيا خالصا.

كما أشارت الاستاذة الباحثة الى الدور البارز الذي اضطلع به الرحالة والمؤرخون والصوفيون كابن بطوطة والشريف الإدريسي، معتبرة انهم وضعوا النواة الأولى لعلاقات المغرب بعمقه الإفريقي انطلاقا من فهم خصوصية المجتمعات الإفريقية.

وفي السياق الراهن، سجلت المتدخلة ذاتها، الدينامية الكبيرة التي ميزت الزيارات الملكية للبلدان الإفريقية ما بين 1999 و2017 ، وتوسيع دائرة التمثيلية الدبلوماسية المغربية في بلدان إفريقيا ونظيرتها الإفريقية في الرباط.

وتروم هذه الندوة الدولية دراسة أوضاع الإسلام والمسلمين بإفريقيا وتفكيك مزاعم المتطرفين وخطاباتهم من اجل الوقوف على مسوغاتها ومرتكزاتها ومحاولة إيجاد السبل الكفيلة بمواجهتها. وتتناول هذه الندوة من خلال محاضرات ونقاشات مواضيع اخرى تتعلق بخصائص التدين والممارسة الدينية وأشكالهما في أفريقيا، وتكيف الإسلام مع الواقع الافريقي الذي يتميز بتنوع عرقي وثقافي وديني هائل، وكذا صورة الإسلام والمسلمين في مجتمعات ذات توجهات سياسية علمانية.